صالح بن علي بن عبدالعزيز العجروش
ولد الشيخ صالح بمكة في عام 1350 هـ الموافق 1932 م ، وكانت نشأته ودراسته بمدارس مكة المكرمة، حيث سكن مع والده وإخوته في بيتهم في ( أجياد )، وهو ثاني إخوته بعد عبدالرحمن، وقبل الدكتور عثمان، والدكتور حمد، وعبدالله وعبدالعزيز، وله سبع من الأخوات رقية، ومضاوي، ونورة، وفاطمة، ولطيفة، ولولوة، وحصة،
وأمه منيرة بنت عبدالله العقيل رحمها الله – وكانت تُنادى بـ(أمي عقيلة).
بعد إنهاءه دراسته الثانوية تم اختياره للالتحاق في أول بعثة من بعثات المملكة العربية السعودية إلى جمهورية مصر العربية، عبر مدرسة تحضير البعثات لاستكمال دراسته الجامعية، حيث ذهب للقاهرة وسكن بشقة (الدقي) مع أحد أعز أصدقاءه (جمال توفيق) رحمه الله، ثم انتقل للعيش مع أخيه الدكتور عثمان.
وفي عام 1373 هـ الموافق 1954م التحق الشيخ صالح بجامعة عين شمس، بكلية الآداب بقسم الاجتماعيات، وتميز أثناء دراسته الجامعية بكونه ناش ًطا طلابيًا، حيث ساهم في تنظيم الكثير من الأنشطة الطلابية المنهجية واللامنهجية، وبات الطالب المحبوب والشاب الاجتماعي الذي كسب حب وتقدير ورضا الجميع، مما ساعده على
كسب وتكوين الكثير من العلاقات الرسمية والاجتماعية خلال فترة دراسته.
وبعد إنهاءه لدراسته الجامعية في عام 1377هـ الموافق 1958 م، كان الشيخ صالح مهيأ لتولي مناصب مهمة وقيادية في المملكة، والتي كانت تعيش مرحلة تأسيس وبناء، فالشهادة العلمية والنزاهة والوطنية والقدرة الإدارية
كلها كانت عوامل ومؤهلات يمتلكها الشيخ صالح جعلت منه شخصية قيادية في أكثر من موقع، فبعد عودته إلى أرض الوطن تدرج بالعمل، وسرعان ما سطع نجمه وتقلد مناصب قيادية حيث حقق نجاحات كبيرة وكثيرة لوطنه ولأسرته ولشخصه.
كانت حياته رحمه الله حافلة بالعطاء، فقد ُعين ممثلاً مالياً بوزارة المالية حين كان مقر الحكومة في مكة المكرمة، ثم انتقل الشيخ صالح للرياض و ُعين مديراً عاماً لشركة كهرباء الناصرية، ثم ُعين رئيساً عاماً لمصلحة المياه في
الرياض؛ خلفاً للشيخ عبدالله بن محمد بن خميس رحمه الله، ثم ُعين مديراً عاماً لمؤسسة الجزيرة الصحفية خلفاً للشيخ عثمان الصالح رحمه الله.
وهنا يبدأ فصل جديد ومرحلة فريدة من حياة الشيخ صالح، يطول شرحها وتكثر فيها قصص النجاح على الصعيد المهني والإنساني، فعلاقته رحمه الله مع مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر، شهدت نجاحات كبيرة. بدأت هذه العلاقة حين قدم الأديب الكبير الشيخ عبدالله ابن خميس – مؤسس جريدة الجزيرة – دعوةً للشيخ صالح رحمه الله في عام 1383 هـ الموافق 1964م للانضمام لعضوية المؤسسة الوليدة آنذاك؛ بعد صدور نظام المؤسسات
الصحفية.
كان ابن خميس وهو الأديب الكبير والصحفي اللامع، يرى في صالح صحافياً بارعاً وإدارياً محنكاً، وسيكون علامة بارزة في مسيرة مؤسسة الجزيرة، وسيقدم الكثير للمؤسسة والجريدة، فمنذ انضمام الشيخ صالح لعضوية المؤسسة وهو يحمل هماً واحداً ورئيسياً وهو الارتقاء بمستوى المؤسسة ومطبوعاتها الرئيسية.
فبعد أن رأى باقي أعضاء المؤسسة هذا الحماس لدى الشيخ صالح لإنجاح الجزيرة، ولثقة الأعضاء في الحنكة الإدارية والصحافية التي يملكها، تمت الموافقة على تعيينه مديراً عاماُ لمؤسسة الجزيرة، ومنذ ذلك اليوم بدأت الجزيرة في فصلها الثاني وولادة جديدة ومرحلة تنافسية، تلك المرحلة التي شهدت منافسات حامية الوطيس، وتكوين الذات للجرائد السعودية، وفي تلك المرحلة شكل الشيخ صالح مع الأستاذ خالد بن حمد المالك رئيس التحرير حينها، التوأم الصحفي الناجح والفريق المنسجم إلى أبعد الحدود، فكان النجاح هو النتاج الطبيعي لهذا
التوافق الإداري الفريد.
كان الشيخ صالح مدرسة في الإدارة والصحافة والرياضة، والأهم من هذا وذاك في الإنسانية النبيلة الصافية، كما رثاه الكثير من الكتاب عبر الصحف، حيث أجمعوا على أن الشيخ صالح رج ٌل فقدته الأوساط الإعلامية والرياضية، حتى بعد التواري عن الأضواء والإعلام بعدما كان أحد فرسانها الكبار، عقب تقاعده عام 1410 هـ الموافق
1990م.
وتَقَلد الشيخ صالح العديد من المناصب، ومنها نائب رئيس نادي الهلال السعودي أثناء رئاسة الشيخ عبدالرحمن بن سعيد رحمه الله، ورئيس الاتحاد السعودي والعربي لكرة السلة، وأمين صندوق اللجنة الأولمبية العربية السعودية – حتى وفاته – رحمه الله، كما ترأس العديد من الوفود المملكة العربية السعودية في عدة دورات رياضية عربية وآسيوية وأولمبية، كما شارك كعضو في الوفود الرسمية للمملكة برئاسة الأمير فيصل بن فهد رحمه الله، والذي كان يعتمد عليه ويثق به كثيراً، كما شارك كعضو برئاسة الأمير فهد بن سلطان – نائب رعاية الشباب آنذاك،
وعمل كعضو في لجنة ( أصدقاء المرضى ) لفترة طويلة من حياته – حتى وفاته – رحمه الله .
وأثناء تردده مع والده وإخوانه على عنيزة في الصيفيات، تزوج الشيخ صالح من السيدة حصة بنت عبدالرحمن الطاسان، حيث كان الزواج في بيت والده بمزرعة الجهيمية بعنيزة، وكانت السيدة حصة نعم الزوجة الصالحة، ونعم المرافقة والمشجعة له طوال فترة حيات ومسيرته رحمه الله، أنجب منها ثلاثة أولاد: خالد، وفهد، ومنصور، وأربع بنات: ندى، وفاتن، ودلال، ومرام. وكان بيته رحمه الله في الرياض بحي الملز، حاضناً لأفراد العائلة والأقارب والأصدقاء، وتشرف الشيخ صالح بإقامة والديه في منزله حتى وفاتهما رحمهم الله جميعاً، وكان عوناً
لإخوته وأخواته وأقاربه وأصدقاءه ولكل ذي ضيقة.
توفي رحمه الله يوم الأحد الموافق 12 / 1 / 1428هـ الموافق 25 / 10 / 2007م، بعد معاناة مع المرض جعلها الله تكفيراً لذنوبه ورفعةً له في درجاته في جنات النعيم، رحم الله القيمة والقامة والد الجميع أبو خالد رحمة واسعة وأسكنه الفردوس الأعلى من الجنة والمسلمين أجمعين .